يرِد في الكتاب المقدّس، العهد القديم، في المزامير وعند الأنبياء بشكل خاصّ، بعض التلميحات إلى الآلام التي سيعانيها المسيح المنتظر، تُذهل القارئ نظرًا إلى واقعيتها، بالرغم من أنّها كُتبت مئات السنين قبل مجيء المسيح يسوع، ننقلها حرفيًا للاطلاع عليها والتأمّل بمعانيها.
يُعتبَر أشعيا من الأنبياء الكبار نظرًا إلى الكَمّ الكبير من النبؤات التي كتبها أو نُقلت عن لسانه. في هذا النشيد، يتكلّم أشعيا عن العبد، الذي رأى فيه بعض المفسرّين أنّه يرمز إلى الربّ يسوع. ويعود هذا النشيد إلى موضوع الألم وإلى الاضطهادات التي سيعانيها العبد بصبر جميل، هي حجر عثرة للمشاهدين، ولكنّها في الواقع شفاعة وتكفير عن الخطايا.
هوذا عَبدي يُوَفَّق
يَتعالى ويَرتفعُ ويَتسامى جدًّا.
كما أَنَّ كثيرينَ ذُعِروا في شأنِكَ
هكذا لم يَعُدْ منظرُه منظرَ إنسان
وصورتُه صورةَ بني آدم.
هكذا تَنتفضُ أُممٌ كثيرة
وأمامهُ يَسُدُّ الملوكُ أَفواهَهم
لأنّهم رَأَوا ما لم يُخبَروا به
وعاينوا ما لم يَسمعوا به.
مَن الذي آمَنَ بِما سَمِعَ مِنّا
ولِمَن كُشِفَتْ ذِراعُ الربّ؟
فإنّه نَبَتَ كفَرعٍ أَمامَه
وكأصلٍ مِن أرضٍ قاحلة
لا صورةَ لهُ ولا بَهاءَ فنَنظُرَ إليه
ولا منظرَ فنَشتَهِيَه.
مُزدرًى ومَتروكٌ من الناس
رجُلُ أَوجاعٍ وعارفٌ بالألَم
ومِثلُ مَن يُستَرُ الوجهُ عنه
مُزدرًى فلم نَعبَأْ به.
لقد حَمَلَ هو آلامَنا واحتَمَلَ أوجاعَنا
فحَسِبناهُ مُصابًا مَضروبًا مِنَ الله ومُذَلَّلاً.
طُعِنَ بسبب معاصينا وسُحِقَ بسبب آثامِنا
نَزَلَ به العِقابُ من أجلِ سلامِنا
وبِجُرحِهِ شًفينا.
كُلُّنا ضَلَلنا كالغَنَم
كُلُّ واحدٍ مالَ إلى طريقِه
فألقى الربُّ علَيه إِثمَ كُلِّنا.
عُومِلَ بِقَسوةٍ فتَواضَع
ولم يَفتَحْ فاهُ
كحَمَلٍ سيقَ إلى الذَبْحِ
كنعجةٍ صامتةٍ أمامَ الذين يَجُزّونَها
ولم يَفتَح فاهُ.
بالإِكراهِ وبالقَضاءِ أُخِذَ
فمَن يُفَكِّرُ في مَصيرِه؟
قد انقطَعَ مِن أرضِ الأَحياء
وبسببِ مَعصيةِ شَعبي ضُرِبَ حتّى الموت
فجُعِلَ قَبرُهُ مع الأشرار
وضَريحُه مع الأغنياء
مع أَنّه لم يَصنَعْ عُنفًا
ولم يوجَد في فَمِه مَكْر.
والربُّ رَضِيَ أن يَسحَقَ
ذاك الذي أَمرَضَه
فإذا قَرَّبَت نفسُه ذبيحةَ إثمٍ
يَرى ذُرِّيَّةً وتَطولُ أيّامُه
ورِضى الربِّ يَنجَحُ عن يَدِه.
بسبب عناءِ نفسِه يَرى النّور
ويَشبَعُ بِعِلمِه
يُبَرِّرُ عَبدي البارُّ الكثيرين
وهو يَحتَمِلُ آثامَهم.
فلذلك أَجعَلُ له نصيبًا بين العُظَماء
وغَنيمةً مع الأَعزّاء
لأنّه أَسلَمَ نَفسَه للموت
وأُحصِيَ مع العُصاة
وهو حَمَلَ خطايا الكثيرين
وشَفَعَ في مَعاصيهم.
في هذا السِفر إشارة إلى الحربة التي سوف يطعن بها الجندي الروماني جنب يسوع المصلوب.
وأُفيضُ على بيتِ داودَ وعلى سُكّانِ أُورَشَليم روحَ النِّعمة والتضرّعات، فيَنظُرونَ إليَّ. أمّا الذي طَعَنوه فإنّهم يَنوحونَ عليه كما يُناحُ على الوحيد، ويَبكونَ عليه بُكاءً مُرًّا كما يُبكى على البِكْر.
المزمور 22 (21)
نجد في هذا المزمور، المنسوب إلى الملك داود، حوالي الألف سنة قبل المسيح، وصفًا مسبقًأ للآلام التي سيعانيها الربّ يسوع المسيح، وفيه شكوى البريء المضطهَد التي تنتهي بحمد الله على النجاة المنتظرة. لذلك، لا يعطي هذا المزمور انطباعًا متشائمًا، بل كلّه تعزية وتفاؤل. تلى المسيح مطلع هذا المزمور، وهو على الصليب، ومنهم مَن قال بأنّه تلاه بأكمله.
إلهي إلهي، لماذا تَركتَني؟ هيهاتِ أَن تُخلِّصَني كلماتُ زَئيري !
إلهي، في النّهارِ أَدعو فلا تُجيب وفي الليلِ لا سَكينةَ لي.
أمّا أَنتَ فإنَّكَ قدّوس جالسٌ في تسابيحِ إسرائيل.
عليكَ تَوكَّلَ آباؤنا تَوكَّلوا فنَجَّيتَهم.
إليكَ صَرَخوا فنَجَوا وعليكَ تَوكَّلوا فلم يَخزَوا.
أمّا أنا فدودةٌ لا إنسان عارٌ عندَ البشرِ ورذالةٌ في الشَّعب.
جَميعُ الذين يَرَونني يَسخَرون بي ويَفغَرون الشِّفاهَ ويَهُزّونَ الرؤوس:
"إلى الربِّ سَلَّمَ أَمرَه فليُنَجِّهْ ولأنّه يُحِبُّه فليُنقِذْه".
أَنتَ مِن البَطنِ أَخرَجتَني وعلى ثَدْيَي أُمّي طَمأنتَني
عليكَ مِن الرَّحِمِ أُلقيتُ ومِن بَطنِ أُمّي أنتَ إلهي
لا تَتَابعدْ عنّي فقد اقتربَ الضّيقُ ولا مُعين.
ثيرانٌ كثيرةٌ أَحاطت بي وضَواري باشانَ حاصَرَتني
فَغَرَت أَشداقَها عليَّ أُسودًا مُفترسةً مُزَمجِرة.
مِثلَ الماءِ انسكَبْتُ وتَفكَّكَت جميعُ عِظامي.
مِثلَ الشَّمْعِ صارَ قَلبي وذابَ في وَسْطِ أَحشائي.
كالخَزَفِ جَفَّ حَلْقي ولِساني لَصِقَ بِفَكّي
وفي تُرابِ المَوتِ أَضجَعتَني.
كِلابٌ كثيرةٌ أَحاطَت بي زُمرَةٌ من الأَشرارِ أَحدَقَت بي.
ثَقَبوا يَدَيَّ ورِجلَيَّ.
وأَحصَوا كُلَّ عِظامي وهم يَنظرونَ ويَرَونَني.
يَقتَسمونَ بينهم ثِيابي ويَقترعونَ على لِباسي.
وأَنتَ يا ربُّ، لا تَتَباعَد يا قُوَّتي، أَسرِعْ إلى نُصرَتي.
مِنَ السَّيفِ أَنقِذْ نَفْسي ومِنْ يَدِ الكَلْبِ وَحيدتي.
مِن شِدقِ الأسَدِ ومِن قُرونِ الثَّورِ خَلَّصَني.
لقَد أَجَبتَني.
سأُبَشِّرُ إخوَتي باسمِكَ وفي وَسْطِ الجماعةِ أُسبِّحُكَ.
"يا أَتقياءَ الربِّ سَبِّحوه ويا ذُرِّيَّةَ يَعقوبَ كافَّةً مَجِّدوه
ويا ذُرِّيَّةَ إِسرائيلَ كافَّةً اخشَوه".
فإنَّه لم يَزدَرِ بُؤسَ البائسِ ولم يَستَقبِحْه
ولا حَجَبَ عنهُ وَجهَه وإذا صَرَخَ إليهِ كان سَميعًا.
مِن لَدُنكَ تَسبيحي في الجماعة العظيمة سأُوفي بنذوري أمامَ أتقيائه.
سيأكُلُ الوُضعاءُ ويَشبَعون ويُسَبِّحُ الربَّ مُلتَمِسوه.
لِتَحْيَ قلوبُكم للأبد.
جميعُ أَقاصي الأرضِ تَتَذكَّر وإلى الربِّ تَتوب
وجميعُ عشائرِ الأُممِ أمامَه تَسجُد
لأنَّ المُلكَ للربِّ وهو يَسودُ الأُمم.
لهُ وَحدَه يَسجُدُ جميعُ عظماءِ الأرض وأمامَه يَجثو جميعُ الهابطينَ إلى التُّراب
له تَحيا نَفسي وإيّاهًُ تَعبُدُ ذُرِّيَّتي.
يُخبِرونَ بالربِّ الجيلَ الذي سيأتي ويُبَشِّرونَ بِبِرِّه الشَّعبَ الذي سيولَد:
لأنّه قد صَنَعَ صَنيعًَا.
المزمور 69 (68)
هذا المزمور، المنسوب إلى الملك داود، حوالي الألف سنة قبل المسيح، فيه وصفٌ مسبق للآلام التي سيعانيها الربّ يسوع المسيح، وفيه صرخة المؤمن الذي ذهب ضحيّة غيرته.
أللَّهُمَّ خَلِّصني فإنّ المياهَ قد بَلَغَت حَلْقي
غَرِقتُ في مُوحِلٍ عميقٍ ولا مُستَقَرّ بَلَغتُ إلى قَعرِ المياهِ والسَّيلُ غَمَرَني.
عَييتُ في صُراخي والتَهَبَ حَلْقي وكَلَّت عَينايَ مِن انتظاري لإلهي.
زادَ على عدد شَعرِ رأسي عددُ الذين بلا سَبَبٍ أَبغَضوني
وقَوِيَ مَن يريدونَ هَلاكي مَن بالكَذِبِ عادَوني
أفأرُدُّ الآنَ ما لم أختَطِف؟
أللّهُمَّ أنتَ عالِمٌ بحماقتي ولم تَخْفَ عليكَ آثامي.
لا يَخجَلْ مِنّي مَن يَرجونَكَ أيّها السيّدُ ربُّ القوّات
ولا يَخْزَ مِنّي مَن يَلتمسونَكَ يا إله إسرائيل.
فإنّي تَحمَّلْتُ العارَ مِن أَجلِكَ وغَطّى الخَجَلُ وَجهي.
صِرتُ لإخوتي غريبًا ولِبَني أُمّي أَجنبيًّا
لأنّ غَيرةَ بيتِكَ أَكلَتني وتَعْييرات مُعَيِّريك وَقَعَت عليّ.
إنْ ذَلَّلتُ بالصومِ نفسي صارَ ذلك عارًا عليّ.
وإن اتَّخذتُ المِسحَ لِباسًا صِرتُ عندهم مَثَلاً
وعند الجالسين بالبابِ حَديثًا ولِشُرّابِ المُسكِراتِ أُغنِيات.
أَمّا أنا فإليكَ صلاتي في أوانِ الرِّضى، يا ربِّ.
فاستَجِب لي بِكَثرةِ رحمَتِكَ وبِحقِّ خَلاصِكَ.
أَنقِذني من الوَحلِ فلا أَغرَق نَجِّني من مُبغضيَّ ومِن قَعرِ المياه
فلا يَغمُرني سَيلُ المياه ولا تَبتَلِعْني الأعماق
ولا تُطبِقِ البِئرُ عليَّ فَمَها.
إستَجِبْ لي يا ربِّ فصالحةٌ رَحمَتُكَ إلتَفِت إليَّ بِحَسَبِ وَفرَةِ رأفَتِكَ
ولا تَحجُب وَجهَكَ عن عبدِكَ أَسرِع واستَجِب لي فإنّي في ضيق.
أُدْنُ مِن نَفسي وفُكَّها مِن أجلِ أعدائي افتَدِني.
أَنتَ عالِمٌ بِعاري وخِزْيي وخَجَلي وأَمامَكَ جَميعُ الذين يُضايِقوني.
العارُ حَطَّمَ قلبي ولا عِلاج
فرَجَوْتُ العَطفَ فلَم يَكُنْ والعَزاءُ فلم أَجِدْ.
جَعَلوا في طعامي سَمًّا وسَقَوني في عَطَشي خَلاًّ.
لِتَكُن مائدَتُهم أمامَهم فَخًّا وخَيراتُهم شِباكًا.
لِتُظلِم عُيونُهم فلا يُبصِروا واحْنِ ظُهورَهم في كُلِّ حين.
صُبَّ عليهِم سُخطَكَ ولْتُدرِكْهم نارُ غَضَبِكَ.
لِتَصِر حظائرُهم خَرابًا ولا يَكُنْ في خِيامِهم ساكِن.
فإنّهم طارَدوا مَن أنتَ ضَرَبْتَ وعلى أَلَمِ جَريحِكَ زادوا.
وزِدْ على إثمِهم إثمًا فلا يَدخُلوا في بِرِّكَ.
مِن سِفرِ الحياةِ فليُمحَوا ومع الأبرارِ لا يُكتَبوا.
إنّي بائسٌ مُتَوَجِّع فليَحمِني خَلاصُكَ يا ألله.
أُشيدُباسمِ الله بِالنَّشيد وبِالحَمْدِ أُعَظِّمُه.
فذلك أَحَبُّ إلى الربِّ مِنَ الثيران مِنَ العُجولِ ذَوي القُرونِ والأَظلاف.
رأى الوُضعاءُ ففَرِحوا لِتَحْيَ قُلوبُكم أيُّها السّاعونَ إلى الله.
لأنَّ الربَّ للمساكينِ يَستَمِع وأسراهُ لم يَزدَرِ.
لِتُسَبِّحْهُ الأرضُ والسَّموات والبِحارُ وكُلُّ ما يَدِبُّ فيها.
فإنَّ الله يُخَلِّصُ صِهيون ويَبني مُدُنَ يَهوذا
فيَسكُنونَ هُناكَ ويَرِثونَها.
وذُرِّيَّةُ عَبيدِهِ يَرِثونَها ومُحِبّو ٱسمِه فيها يَسكُنون.