البطريرك إسطفان الدويهي هو بطريرك الكنيسة المارونيّة (1630-1704). له مؤلّفات عديدة، أهمّها «منارة الأقداس» ومنه نقتبس شرحًا للرموز الموجودة في الملابس الكهنوتيّة والأواني الخاصّة بالمذبح، والتي يمكن أن تشير إلى الكفن والمنديل وأدوات الصلب، وأهمّ ما في هذه الشروحات الكلام عن «المنديل الذي مسحت به وجهه تلك المرأة في آلامه، فارتسمت به صورته الجزيلة القداسة؛ والعمامة التي لفّ بها نيقوديمس رأسه في القبر».
« إنّ البيعة المقدّسة تسلّمت من الرسل أن تلبس المذابح أغطية نظيفة ومكرمة... والداعي لذلك: أولاً، تكريم المذبح المقدّس الذي هو كرسي الربّ وسريره؛ ثانيًا، حفظًا للدم الكريم حتى إذا عرض فانصبّ من الكأس لا يصل إلى الأرض بل يقع على الثياب ويكون غسلها هيّنًا؛ ثالثًا، إشارة إلى اللفائف التي لفّ بها جسد الربّ في المذود والسرير والقبر وغيرها.»1
« تأمر الكنيسة الرومانيّة جميع كهنتها أن يضعوا صمدة وهي منديل أبيض نظيف من كتّان بين آنيّة القدس وثياب المذبح. وهذه الصمدة يكرّمونها جدًّا وينشّونها ولا يأذنون لأحد من العوام أن يمسّها ولكنّ الكاهن في بدء القدّاس يفرشها في وسط المذبح، وعند النهاية يطويها ويضعها في كتاب القدّاس أو في الكنف المعدّ. وسبب هذا التكريم كلّه هو لأنّهم في رتبتهم يضعون عليها القربانة المقدّسة. وبعد أن يكسر الكاهن الجوهرة يضع الأجزاء على الصينيّة ويقولون إنّها إشارة إلى الكفن الذي لفّ به جسد الربّ في القبر، كما يذكر الإنجيل المقدّس أنّ كفن الربّ كان من كتّان (مرقس 15 : 46)... وكذلك أمَرَ سيلبسطروس2 الذي عَمّد قسطنطين الملك أن لا تكون الصمدة حمراء، ولا تتخذ من حرير ولا من جوخ بل من كتّان أبيض نظيف. أمّا الرهبان القورتسيان3 الذين ببلاد الغرب فيفرشون الصمدة تحت الأسرار ثمّ يطوونها فوقها لتكون على هيئة الكفن الذي تغطى به جسد الربّ وجهًا وقَفًا.»4
إنّ القميص البيضاء التي يلبسها الكاهن ليحتفل بالقدّاس تسمّى كتّونة، مأخوذة من الكلمة السريانيّة «كيتوني» ومعناها «أكفان»، فيقول الدويهي بأن تكون «من كتّان أو من قطن»5 والكتّان نسبة إلى قماش الكفن الذي لفّ به جسد يسوع.
« يدلّ الزنّار على السياط التي جلدوا بها جسد الربّ، وعلى الحبال التي ربطوه بها، وسحبوه من بيت حنّان إلى دار بيلاطس وهيرودس ثمّ إلى الجلجلة».6
«...بوضع المنصفة، يشار إلى إكليل الشوك الذي وضع على رأس المخلّص وخوذة خلاصه... ثمّ إلى المنديل الذي مسحت به وجهه تلك المرأة في آلامه، فارتسمت به صورته الجزيلة القداسة؛ وإلى العمامة التي لفّ بها نيقوديمس رأسه في القبر، وقيل إنّ بطرس، بعد القيامة، أخذها، وكان يلفّ بها رأسه في الأعياد الجليلة وفي سيامة الأساقفة، كما يشهد الإنجيل المفسّر الذي نسخه الحبيس جبرائيل الإهدني سنة ألف وثمانمائة وست وثلاثين لليونان، وهو الآن موجود في كنيسة مار جرجس كرسي إهدن، وأيضًا نسخة يوسف ابن أوتوكوس إبن القسّ إبراهيم الحرديني اليعقوبي سنة ألف وسبعمائة وستين لليونان، وهو موجود في كنيسة السيدة في إهدن».7
« وأنا أرى أنّ بطرس الذي أقام كراسي البطريركيّة لم يلبس تاجًا ولكنّه لَمّا دخل قبر المخلّص أخذ العمامة وعمّم بها رأسه، وكان يلبسها في خدمة الأسرار المقدّسة، وخاصّة في الأعياد الفارحة والتكريسات المقدّسة».8
« البطرشيل يشير إلى طاعة المخلّص حتّى الموت. وقال القدّيس جرمانس أنّ الطرف الذي يرخى إلى الجهة اليسرى يدلّ على حمله الصليب، والطرف الذي يسدل على اليمنى يشير إلى القصبة التي أعطاه الشرط في يمينه. ويشير البطرشيل أيضًا إلى الحبال التي ربط بها يسوع وسيق للتعذيب».9
1 منارة الأقداس، المنارة الثانية، الشرح الثاني، الفصل الثالث، صفحة 148.
2 هو البابا سيلڤسترُس الأوَّل، بابا روما من العام 314 حتّى العام 335.
3 ربّما هم الرهبان السِسترشيين Cisterciens
4 منارة الأقداس، المنارة الثانية، الشرح الثالث، الفصل الثاني، صفحة 178.
5 منارة الأقداس، المنارة الثالثة، الشرح الثالث، الفصل الثالث، صفحة 293.
6 منارة الأقداس، المنارة الثالثة، الشرح الثالث، الفصل الرابع، صفحة 294.
7 منارة الأقداس، المنارة الثالثة، الشرح الثالث، الفصل الخامس، صفحة 298. يبدو أنّ هاتين النسختين قد ضاعتا لأنّه لا يوجد أيّ ذكر لهما في سلسلة كتب الخوري ناصر الجميّل عن «النسّاخ الموارنة ومنسوخاتهم».
8 منارة الأقداس، المنارة الثالثة، الشرح الثالث، الفصل العاشر، صفحة 312.
9 منارة الأقداس، المنارة الثالثة، الشرح الثالث، الفصل السادس، صفحة 302.