بدأ المؤتمر بعرض تاريخيّ مصوّر عن ذخيرة «قميص أرجانتوي» Tunique d’Argenteuil وعن ذخيرة «صنادل المسيح» Sandales du Christ الموجودة في مدينة بروم- ألمانيا Prüm 1. ثمّ تناول الكلام سبعة محاضرين من فرنسا وإيطاليا والنمسا، وهم:
- بيار دور Pierre Dor الذي عرض بعض الوثائق العائدة إلى القرون الوسطى، والتي تؤكّد أصالة قميص أرجانتوي.
- مارسيل ألونسو Marcel Alonso الذي تكلّم عن آخر المستجدات في موضوع كفن المسيح.
- جوليو فانتي Giulio Fanti من جامعة بادوڤا- إيطاليا، ممثلاً بالسيّدة ترودل والي Traudl Wally، التي كشفت عن أمر جديد، غير معروف بعد من عامّة الشعب، لا يعيره الفاتيكان أيّة أهميّة لغاية الآن، ألا وهو صورة وجه يسوع على الجهة الخلفيّة للكفن، تمّ اكتشافها إبّان عمليّة الترميم التي جرت في العام 2002. هذا الاكتشاف يجعل من التفسيرات العلميّة المتداولة عن كيفيّة انتقال آثار الجسم الميت على قماشة الكفن أمرًا قديمًا مرّ عليه الزمن، ويقدّم عليها نظريّة «التفريغ الهالي»2 corona discharge الجديدة، التي من الصعب أن تكون ناتجة إلاّ عن ما رافق قيامة المسيح يسوع من نور وإشعاع. فيصبح الكفن، ليس فقط شاهدًا على آلام المسيح، مثل قميص أرجانتوي، بل شاهدًا على قيامته، أيضًا، وينادي العلم بالإيمان، صارخًا بوجه عالم حديث طغت عليه الشكوك.
أمّا فترة بعد الظهر، فقد كُرّست للأبحاث المتعلّقة بذخيرة «صنادل المسيح» الموجودة في دير مدينة بروم في ألمانيا، منذ أيّام الملك بيبين القصير Pépin le Bref (715-768)، والد الملك شارلمان Charlemagne . لقد قام فريق من الإختصاصيين الفرنسيين، على رأسهم أندريه ماريون André Marion وجيرار لوكوت Gérard Lucotte وبدعم من جمعيّة «كوستا»، بمعاينة الذخيرة المذكورة، وأخذ بعض العيّنات، بواسطة شرائط لاصقة، لغاية البحث عن بعض اللقاحات pollens أو أشياء أخرى تعود إلى الأراضي المقدّسة. تبدو الذخيرة على شكل حذاء بابوي يعود إلى أيّام الميروفنجيين، وفيها قطع من الجلد عليها بعض الذهب. بالواقع، سلّم البابا زكريا (+752) هذه الذخيرة إلى بيبين القصير كعربون حلف جديد بين البابويّة وسلالة الفرنجة، بدلاً عن الحلف الذي كان قائمًا مع القسطنطينيّة. وبذلك الفعل، غدت هذه الذخيرة أساس أوروبا المسيحيّة التي أنشأها الكارولنجيون. وكان لهذا الحلف دورًا حاسمًا في حماية البابوات من هجومات اللومبارديين والمسلمين وحتّى البيزنطيين، وشكّل سابقة لإنشاء دولة الڤاتيكان الحديثة.
ثمّ جاء دور السيّدة ماري كلير ڤان أوسترويك Marie Claire van Oosterwijck التي قامت بمداخلة مكتوبة بعنوان: «عشرون سنة مرّت على فحص الكربون 14، ماذا بقي منه؟» برهنت فيها إستحالة تطبيق فحص الكربون 14 على الذخائر، ولو قام بعض العلماء بتأليه هذا الفحص، غير مدركين بأنّه سيف مسلّط بين أيدي أعداء المسيح وكنيسته.
أمّا الأب الرئيس فرنسوا لوكيريه François Le Quéré مستشار أبرشيّة بونتواز Pontoise السابق، ومؤرّخ قميص أرجانتوي، فقدّم دراسة عن تاريخ الذخيرة في القرن الأوّل.
أمّا السيّدة ترودل والي Traudl Wally ، القادمة من ڤيينا، فقامت بفتح آفاق جديدة حول كفن تورينو.
إختتم اللقاء بدعوة السيّد جاك بورال Jacques Burel إلى الجهاد للمدافعة عن كفن تورينو، ووجه يسوع المقدّس، وإعلان حملة الصلاة من أجل تعظيم يسوع الملك لمواجهة عالم لاأدري، شيطاني، ضدّ المسيح، وإرسال أكبر عدد ممكن من البطاقات البريديّة إلى قداسة البابا، لمطالبته الاعتراف بأصالة كفن تورينو.
في اليوم التالي، الواقع فيه الأحد 10 نيسان، وهو الأحد الأوّل من أسبوع الآلام، قامت «كوستا» بالمسيرة السنويّة إلى قميص أرجانتوي، شارك فيها حوالي الثلاثماية شخص أتوا من أنحاء فرنسا وألمانيا والنمسا وأوكرانيا. إنطلقت المسيرة من وسط المدينة، التي يقطنها 60% من المهاجرين، معظمهم من المسلمين، ومجلسها البلدي بعهدة الحزب الإشتراكي. تقدّم المؤمنون الصليب، يليه الرايات، ثمّ الراهبات، والكشافة، وثلاثة كهنة من أخويّة القدّيس بيوس العاشر، اخترقوا شوارع المدينة، تحت شمس الربيع الساطعة. شكّل هذا الجمع دهشة كبرى للسكان، مع أنّ المدينة عرفت هذه المسيرة منذ القرون الوسطى، حين عرضت الذخيرة للعموم، للمرّة الأولى، في العام 1156، عن يد المطران هوغ داميان Hugues d’Amiens . الكثيرون من سكان أرجانتوي لا يعلمون بوجود الذخيرة في مدينتهم. حتّى السلطات الدينيّة لا تتكلّم عنها، كما لو أنّها تريد، وعن غير حقّ، التخلّي عن التراث القديم، واستبداله بآلات الغيتار الرنّانة، والحركات العصريّة، التي تدفع بالمؤمنين إلى هجرة الكنيسة، وتدفع بالسلطات المسؤولة إلى إغلاق كنيسة تلو الأخرى. ومع وصول المشاركين إلى البازيليك، ودخولهم إليها، أقاموا صلاة درب الصليب، وأنشدوا التراتيل القديمة التي كانت قد أعدّت خصّيصًا لتكريم الذخيرة، راكعين ساجدين.
والجدير ذكره، بالإضافة إلى الحجّاج المشاركين بالمسيرة السنويّة، هناك الحجّاج المياومون، الذين يختارون يومًا واحدًا في الشهر، ولمدّة 12 شهرًا، يؤمّون فيه البازيليك حيث الذخيرة، ويصلّون المسبحة أمام هذه الهبة الكبيرة، علامة حبّ الله للبشر. تقوم «كوستا» بإعطائهم كارت «الحاجّ اليومي». لقد سبق وقامت العشرات من العائلات بهذه الخدمة، واضعين أنفسهم بمثابة «حرس شرف» للذخيرة العجائبيّة، ومقتدين بقول المنزوفة التي شفيت بفضل إيمانها: «يكفي أن ألمس رداءه فأبرأ» (متى 9 : 21).
كانت النتيجة في أعمال هذين اليومين بروز مشروعين جديدين، هما:
1- توسيع المسيرة السنويّة التقليديّة إلى قميص أرجانتوي، في السنة المقبلة، بدعوة عدد أكبر من المسيحيين. للمناسبة، سيتم إمضاء عريضة دعمًا للاحتفال بالقدّاس بحسب رتبة البابا بيوس الخامس، حيث المطلوب الحصول على موافقة أكثر من خمسين شخصًا من سكّان أرجانتوي، كما يقتضيه قرار مجلس الأساقفة الفرنسيين. هكذا نستطيع ختم المسيرة بقدّاس إحتفالي، يقام على المذبح المخصّص للذخيرة، حيث لم يعد يقام عليه أيّ قدّاس منذ أكثر من خمسين عامًا. لا ينفع النحيب على قلّة النعم في فرنسا، بل يجب البحث عنها حيث تكون بوفرة.
2- تنظيم ندوة فرنسيّة- ألمانيّة في بروم- ألمانيا، العام 2013، بعنوان: «ذخائر المسيح: أساس أوروبا المسيحيّة» تسبق السنة الكارولنجيّة التي سيحتفل بها العام 2014. وتكون تحضيرًا لها. من الممكن الطلب إلى سبعة محاضرين المشاركة: 2 من فرنسا، 2 من ألمانيا، 1 من بلجيكا حيث ولد شارلمان، 1 من النمسا، 1 من إيطاليا. وكما صار هذه السنة في أرجانتوي، يمكن اختتام الندوة يوم الأحد بزياح إلى ذخيرة صنادل المسيح، التي هي ضمان أوروبا المسيحيّة وختمها، والتي علينا إعادة تأسيسها.
1 تقع مدينة بروم شرقي ألمانيا، وفيها دير قديم، أسّس العام 720 ، وسكن فيه الآباء البندكتيين، واعتبر من الأديرة المفضلة لدى السلالة الكارولنجيّة.
2 في الفيزياء: تفريغ يَحدث نتيجة لوجود غاز متأيّن بالقرب من موصل ما، وعندما يكون تدرّج الفلطيّة غير كاف لإحداث تفريغ الأيونات السالبة تتحرّك داخل المجال المرتفع (القاموس المزدوج، قاموس عام لغوي علمي، دار الكتب العلميّة، لبنان، الطبعة الثالثة، 2008).