يوجد في كاتدرائية القدّيس اسطفانس في مدينة كاهور Cahors الواقعة جنوب فرنسا، ما يُسمّى بالقلنسوة المقدّسة La sainte coiffe ، قيل إنّها أُلبست هامة الربّ يسوع أثناء وضعه في القبر.
إنّ وضع القلنسوة على الرأس، برأي بعض الباحثين، هو جزء من ترتيبات الدفن التي كانت قائمة عند اليهود في تلك الأيّام. والقلنسوة عادة، تتضمّن عند أطرافها السفلية شريط، لم يعد موجود فيها الآن، يُربط عند أسفل الذقن، ليشدّ فكّ الميت المائل إلى الارتخاء، ويُبقي الفم مغلقًا.
تشكّل القلنسوة، مع كفن تورينو ومنديل أوفيادو وقميص أرجانتوي منظومة متكاملة من الأقمشة التي لامست جسد المسيح، في مسيرته نحو الجلجلة، وعند إيداعه القبر بعد موته.
يقول التقليد بأنّ الخليفة هارون الرشيد، وبطريرك أورشليم توما، هما اللذان سَلَّما القلنسوة إلى الأمبراطور شارلمان الذي سلّمها بدوره إلى أسقف كاهور، واسمه أَيمَه Ayma ، في العام 803.
لكنّ الأبحاث التاريخية الحديثة تستبعد تلك الفرضيّة النابعة من فكر تقويّ، وتقول بأنّ مطران كاهور، جيرو دو كارديّاك Géraud de Cardillac هو الذي أتى بالقلنسوة، إثر عودته من حجّ قام به إلى الأراضي المقدّسة، في بداية القرن الثاني عشر. ونعرض فيما يلي بعض الأحداث الأساسيّة التي مرّت على القلنسوة: - العام 1119 : الإشارة التاريخية الأولى على وجود القلنسوة في كاهور، حين قصد البابا كاليستس الثاني مدينة كاهور، في طريقه للمشاركة في مجمع مدينة تولوز، وقام بتكريس مذبح الكاتدرائية حيث تُعرض القلنسوة. - العام 1239 : بسبب تدفق الحجاج إلى المدينة لزيارة القلنسوة المقدّسة، بالتزامن مع إحتفالات عيد العنصرة، يصدر مجمع الكاتدرائيّة تعميمًا بوجوب توزيع الصدقات ضمن برنامج أُطلق عليه تسمية «أعمال العنصرة الخيريّة». - العام 1408 : بمناسبة السينودس الذي دعا إليه أسقف كاهور، أُقيم تطواف بالقلنسوة. - العام 1482 : بسبب الطاعون الذي اجتاح المنطقة، أقام أسقف كاهور تطواف بالقلنسوة في شوارع المدينة وساحاتها العامّة، شارك فيه المؤمنون مع المسؤولين المدنيين والقناصل والقضاة وجمع من الإكليرس. - 22 كانون الثاني العام 1487 : البابا إينوقنطيوس الثامن يمنح الغفرانات للذين يزورون «كابيلا القلنسوة المقدّسة في كاتدرائية كاهور». - العام 1791 : بسبب الأوضاع المضطربة، ينقل أسقف كاهور القلنسوة المقدّسة إلى مكان آمن، ويعيدها إلى الكاتدرائية في العام 1801. - العام 1899 : يصدر الأسقف أمرًا يطلب فيه من المؤمنين التطواف بالقلنسوة من رعيّة إلى أخرى، سيرًا على الأقدام، لمسافة 60 كيلومترًا، حتّى معبد روكامادور Rocamadour المريمي الذائع الصيت. - العام 1940 : التطواف الأخير للقلنسوة في شوارع كاهور. - 4 تشرين الأوّل 2015 : القلنسوة المقدّسة تُعرض في وسط الكاتدرائية بمناسبة سيامة أسقف كاهور الجديد، المطران لوران كامياد.
يعود المذخر الأوّل للقلنسوة إلى العام 1458، لكنّه تغيّر مع مرور الزمن. أمّا المذخر الحالي فيعود إلى العام 1899، مصنوع من البرونز المذهب، والقلنسوة موضوعة ضمن أسطوانة من الكريستال، تعلوها الملائكة التي تحيط القبّة الأرضيّة، والصليب فوق الكلّ. وأمّا القاعدة، فتشمل عند الزوايا، كلّ من أسقف كاهور القدّيس ديدييه Saint Didier ، والأمبراطور شارلمان، والبابا كاليستس الثاني، وكلّهم جالسون على عرشهم.
كانت القلنسوة تُعرض أمام المؤمنين في بعض المناسبات، بخاصّة في عيد العنصرة، والأسقف يمسكها بيديه، ويعرضها واقفًا عند كرسيه الأسقفي في الكاتدرائية، يقابله جمع من الشناونة 1 والإكليريكيين.
توقّف هذا التقليد في العام 1960. لكنّ أسقف كاهور الحالي، المطران لوران كامياد Laurent Camiade ، قرّر إعادته، تزامنًا مع الاحتفالات التي ستُقام بمناسبة مرور 900 عام على تكريس مذبح كاتدرائية كاهور الرئيسي على يد البابا كاليستس الثاني، العام 1119، أثناء مروره بالمدينة متوجهًا للمشاركة في مجمع مدينة تولوز، والتي ستجري حسب البرنامج التالي:
- في 15 آذار 2019: إفتتاح يوبيل التسعمئة عام
- في عيد الشعانين الموافق 14 نيسان 2019: البدء بعرض القلنسوة المقدّسة أمام الجمهور، في وسط الكاتدرائية، وذلك حتّى عيد العنصرة حين تُنقل إلى كابيلا جانبية.
- السبت في 27 نيسان 2019: زياح احتفالي عبر شوارع المدينة.
- في 10 أيلول 2019: الاحتفال بذكرى تكريس الكاتدرائية.
- في 8 كانون الأوّل 2019: ختام اليوبيل. للمزيد، مراجعة موقع القلنسوة الرسمي. تحديث آذار ٢٠٢٠
1 جمع شانوان Chanoine وهو، في الكنيسة اللاتينية، في الغرب، لقب يعطى لرجل إكليريكي عضو في مجلس الكهنة الذي يعاون الأسقف في إدارة كاتدرائية أو بازيليك معينة. كما يعطى أيضًا كلقب شرف لبعض الأشخاص غير الإكليريكيين.