وُلد يوحنا بوسكو المعروف بـ دون بوسكو في بِكي كاستيليانو (إيطاليا) العام ١٨١٥، وتوفي في تورينو العام ١٨٨٨. هو كاهن مؤسّس رهبانية السالسيين والسالسيّات، المكرّسة لتعليم الأولاد الفقراء. كان كاهنًا في أبرشية تورينو، حيث يوجد كفن المسيح، لكنّ أخبار علاقاته به قليلة جدًا. فكلّ ما نعلمه أنّه كَرَّم الكفن، مع تلاميذه، في مناسبتين، عُرض فيهما الكفن للعموم. المناسبة الأولى، في العام ١٨٤٢ ، في عرس الأمير فيتوريو إيمانويلي الثاني دي سافوا؛ والمناسبة الثانية، في العام ١٨٦٨، في عرس الأمير أومبرتو الأوّل دي سافوا.
وهناك خبر آخر عن علاقة غير مباشرة، إذ قام دون بوسكو بمحاولات عدّة، لم تتكلَّل بالنجاح، للحصول، من الحكومة الإيطالية، على الإذن باستعمال كنيسة الكفن المقدّس في روما، والأبنية التابعة لها.
تقع هذه الكنيسة في وسط المدينة، في شارع الكفن المقدّس، بالقرب من كنيسة القدّيس أندراوس ديللاڤاللي S. Andrea della Valle الشهيرة. تأسّست في القرن السادس عشر، ثمّ أصبحت، منذ العام ١٥٩٧، مقرًّا لأخويّة، معظم أعضائها من رعايا إمارة سافوا المقيمين في روما، الأمر الذي يدلّ على تمسكهم بتكريم ذكر الكفن أينما وجدوا. كان هؤلاء المؤمنون الأتقياء يقومون برسالة تربوية لصالح صبيان الحيّ المجاور، وبغير ذلك من أعمال المحبة. استمرّ هذا الوضع حتّى أوائل القرن التاسع عشر، حين تخلّت الأخويّة عن ملكيّة الكنيسة، فأصبحت في تصرّف بعثة مملكة سافوا لدى كرسي روما الرسولي. ولكن، بعد أن ازداد التوتّر القائم بين دولة إيطاليا الناشئة، بقيادة ملك سافوا، والدولة البابوية، أُغلقت الكنيسة، وكادت تنهار. في العام ١٨٦٨، أبدى دون بوسكو استعداده لترميم الكنيسة، وإنشاء مأوىً للصبيان المشرّدين في الأبنية التابعة لها. وافق بعض أعضاء الحكومة الإيطالية على مشروع دون بوسكو، غير أنّ التشنجات الوطنية السائدة، وموقف الحكومة الرسمي من المؤسسات الدينيّة –مع أنّ دون بوسكو كان يدّعي بطابع مؤسسته المدني- حالت دون ذلك.
إنّ دون بوسكو، أسوة بغيره من القدّيسين، كَرَّم الكفن المقدّس. إلاّ أنّ اهتمامه الأوّل كان دائمًا أن يكرّم وجه المسيح المطبوع في وجه كلّ إنسان، لا سيّما في وجه الصبيان المشرّدين.
* مقتبس عن Memorie Biografiche di San Giovanni Bosco المجلد التاسع، ص. 415-416، المجلد العاشر، ص. 1233-1235، تورينو، 1917، 1939.