ما من قدرة على الأرض، ما من عِلم، ما من معرفة، ما من حكمة، ما من جمال، ما من حبّ على الأرض ومن الأرض، هَداني إلى الله الآب إلاّ حبّ الإبن، يسوع المسيح، ويسوع المسيح مصلوبًا، حبًّا بي أنا «المعتّر» الخاطئ.
كنتُ أستحقّ جهنّم ألف مرّة وكان هو يحبني... لم يجذبني شيء في يسوع ذاته: لا تجسده، ولا فقره، ولا حكمته، ولا عظته على الجبل، ولا طوبياته، ولا معجزاته، ولا جماله، ولا قدرته، ولا وداعته، ولا أُلوهيته حتى... لا... لا... لا... لم يجذبني شيء البتة أكثر من طعنة الحربة في جنبه...
أيّها الجُرحُ الفاغِرُ شَفَتَيه
في الجَنبِ المرضوضِ
جنبِ رَبّي
وإلهي
يسوعَ
ابنِ مريمَ
وابنِ اللهِ
المسيح
إنَّ عَينيَّ المسكينتين
المخلوقتين للنورِ
والجَمالِ
لا تقدران
أَنْ تَفتَرِقا
عَنْكَ
قدرَ ما جُرحُكَ هذا
يَجرحُني
يُفجِّرُ
شهقاتي
في صَمتِهِ
يَخترقُني
يَتغلغلُ فيَّ
يَجتاحُني
بِكُليَّتي
يُكلِّمُني
يُحدِّثُني
عن السِرّ
عن الغَيبِ
السرِّ
سِرِّ الله
الحيِّ الحقِّ المُحيي
في كيانِهِ
في حُبِّهِ
الله
الكائنِ
الحُبِّ
المجنونِ
المجروحِ للموتِ
بسبب حُبِّهِ الجنونيِّ
في سَبيلي
فيّ
التاركِ
الانسانَ
يَطعَنُهُ
لهذا الحدِّ
فيتدفَّقَ
في القلبِ الظمآنِ
في الكيانِ الجريحِ
في الروحِ العَليلِ
حُبُّهُ
حَياتُهُ
كَيانُهُ
هو
هو هو هو
أيّها السِّرُّ
سِرُّ الله
الكاشفِ ذاتَهُ للانسانِ
الانسانِ الذي خُلِقَ
حُبًّا
السرُّ الذي ابتَدَعَهُ الله مِن أجلي
وإياهُ
أهداني
آهٍ
كنتَ تَعلَمُ
يا يسوعُ العَذْبُ
أَنَّ لا شيء
لا كلمَتَكَ
ولا عجائبَكَ
ولا قداسَتَكَ
ولا أُلوهيتَكَ
لا شيءَ إطلاقًا
مِنكَ وفيكَ
كان بإمكانه
أبدًا
أَنْ يَطعَنَني
العُمقَ هذا
يُخَلخِلَني
يَشُقَّني
فأَنفتحَ
أخيرًا
على حُبِّكَ
على رَحمَتِكَ
على غُفرانِكَ
على جَسدِكَ
على لَحمِكَ ودَمِكَ
على روحِكَ
عليكَ أَنتَ
شَخصًا
فقط
صَمتُ
هذا الجرحِ الفاغرِ شَفَتَيه
اللامتناهي
في جَنبِكَ المَرضوضِ
يَسيلُ
دمًا وماءً
دون قياسِ
دون خَريرٍ
دون انقطاعٍ
إلى اللانهاية
هذا الجرحُ
في سكوتِهِ
الرهيبِ
أن يَصفَعَ
بَصَري الشاردَ
فيُحَدِّقَ
وجِفْنَيَّ الجامِدَينِ
فيَنخَفِضا
على انكسار كبريائي
وإذ بي
أرى
وأتَفَهَّمُ
وأَنظُرُ
وأتَبَصَّرُ
وأتأمَّلُ
وأُدرِكُ
فأُفيقَ
أَستَحلِفُكُنَّ
يا بناتِ أورشَليمَ
بِظِباءِ وأيائِلِ الصحراءِ
أَنْ لا تُنهِضْنَ
ولا تُنَبِّهْنَ
الحبيبةَ
حتى تَشاءَ
الفاغرُ شَفَتَيهِ
الرهيبُ
يَجذُبُني
بِكُلِّيَّتي
فأَقتربُ
بعدَ كاترين
وأُلصِقُ
شَفَتَيَّ الدَنِسَتَينِ
على شَفَتَيهِ
الدامِيَتَينِ
مُستَسلِمًا
في قُبلَةٍ قاتلةٍ
فأتَسَلَّمَ
هكذا الحياةَ
أنتَ
والروحَ
والآبَ
* رمزي حبيب مالك وجماعة يسوع: نظرة مستقبلية للكنيسة المارونية - يا عروس المسيح إلى أين؟، دار البعث، بيروت، 1991.