ملاحظة الناشر: نظرًا لعدم جدوى ترجمة المراجع إلى العربيّة، ارتأيت المحافظة عليها كما وردت في النصّ الإنكليزيّ الأصلي. أضفت بعض الشروحات، بين قوسين، لتسهيل الفهم.
إنّ الكفن المحفوظ في مدينة تورينو، في أيّامنا هذه، هو القماشة نفسها التي لُفّ بها يسوع بعد صلبه، كما يقول التقليد. لا يوجد أيّ حلقة مفقودة في تسلسل تاريخ الكفن، منذ القرن الرابع عشر، حين تمّ عرضه في ليريه-فرنسا، حتّى اليوم. بيد أنّ ذلك لا ينطبق على الحقبة السابقة، حتى ولو تمكنّا من وصل بعض الأحداث الطارئة على الكفن المقدّس، إستنادًا إلى علم الآثار، وعلم المسكوكات، والأبحاث التاريخيّة. تشير هذه العلوم والأبحاث، بالإضافة إلى نتائج التحاليل العلميّة، أنّ ثمّة احتمال كبير أن يكون كفن تورينو أقدم مما أعطاه فحص الكربون 14.
تُعتبر حقبة «السنوات الضائعة»، والتي تمتدُّ لحوالي المئة وخمسين سنة، أيّ منذ العام 1204 حين كان الكفن في القسطنطينيّة، حتّى القرن الرابع عشر، حيث تمّ عرضه للعموم في ليريه-فرنسا، من أضعف الحلقات في تاريخ الكفن، إذ يصعب على الباحث تتبّع مسار الكفن فيها بشكل متواصل. تعدّدت واختلفت النظريّات التي حاولت إلقاء الضوء على تلك «السنوات الضائعة»1، وإحداها مقبولة جدًا، وهي أنّ الكفن المقدّس الذي تمّ عرضه في ليريه-فرنسا، في القرن الرابع عشر، هو نفسه الذي كان في القسطنطينية، في العام 1204، والذي سلبه الصليبيون إبّان إغارتهم على المدينة. لكن، أين كان الكفن أثناء تلك الفترة الممتدة من العام 1204 حتّى القرن الرابع عشر؟
في العام 944، حاصرت جيوش البيزنطيين، بقيادة يوحنا كوركواس، مدينة الرّها العربيّة.2 لم يستطع سكان المدينة الصمود، فتوجّب عليهم دفع ثمن عدم سقوط المدينة، بتسليمهم البيزنطيين الكنز الثمين الذي كانوا يحتفظون به، ألا وهو صورة وجه يسوع الغامضة «غير المصنوعة بيد إنسان»3 [أي الكفن كما يقول بعض المؤرخين]، فتمّ نقلها بالظفر إلى القسطنطينيّة، في 15 آب من السنة نفسها. وتعتبر «أخبار جان سكيليتزيس» المزيّنة بالرسوم4، والعائدة إلى القرن الثالث عشر، من بين الأدلّة المختلفة على بلوغها العاصمة البيزنطيّة. في حينه، قامت الحشود المواكبة لـ «الصورة» بتطواف مهيب إلى كنيسة والدة الإله في الفنار، الواقعة بالقرب من البوكوليون [القصر الملكي]، حيث أودعت في الجناح الشرقي5.
ورد ذكر الكفن في عاصمة الأمبراطوريّة الشرقيّة، في مذكرات الرحّالة والملوك الكبار6، في القرنين الحادي عشر والثاني عشر، حيث يكون قد بقي حتى الحملة الصليبية الرابعة، في القرن الثالث عشر. وقد شاهد الفارس روبير دو كلاري Robert de Clari ، مؤرّخ تلك الحملة الصليبيّة7، الكفن في القسطنطينيّة، لمّا زار المدينة، إبّان هدنة حصلت في شهر آب، العام 1203، واصفًا الكنوز المحفوظة فيها، قائلاً: «كان هناك كنيسة أخرى على اسم القدّيسة مريم بلاشيرن، حيث كان يحفظ الكفن الذي لفّ به ربّنا، والذي كان ينتصب بطوله كلّ يوم جمعة، بحيث كان يمكن مشاهدة قامة ربّنا كاملة»8
في الثاني عشر من نيسان، من السنة التالية، قام الصليبيّون بالإغارة على المدينة، مرّة أخرى، ونهبوا الكنوز والذخائر. ماذا حدث للكفن؟ ما من جوابٍ أكيد، لكنّ دو كلاري كتب قائلاً: «لم يعرف أحد بعدها، لا من الروم ولا من الفرنسيين، ماذا حلّ بالكفن بعد سقوط المدينة»9
لدينا وثيقتان تثبتان وجود الكفن في أثينا في صيف العام 1205، وهما:
- أولاً، رسالة ثيوذورس أنغلس كومنينس، التي بعث بها إلى البابا إنّوقنطيوس الثالث، في الأول من آب 1205، يلتمس فيها الأب الأقدس ممارسة نفوذه لاسترداد الذخائر الثمينة المفقودة منذ أكثر من عام، في أقرب وقت ممكن، بما فيها الكفن المقدّس الموجود في أثينا10 وثيوذورس هذا هو إبن أخ الإمبراطور البيزنطي، إسحاق الثاني، المالك في القسطنطينيّة إبّان غزو الصليبيين المدينة، في العام 1204.
- ثانيًا، إفادة نيقولاوس من أوترانتو [مدينة في جنوب إيطاليا]، رئيس دير كاسولا [شمالي شرقي إيطاليا]، الذي رافق الموفد البابوي، بنديكتس القدّيسة سوزانّا، صيف العام 1205، للمشاركة في اجتماع مسكوني، عقد في أثينا، وعمل مترجمًا ومستشارًا له. كتب في العام 1207، عن الذخائر التي سُرقت العام 1204، بعد أن رآها بأمّ عينيه. لقد كان نيقولاوس، بالفعل، في آثينا، ومن الممكن أن يكون قد رأى الكفن11
إذا أخذنا بعين الاعتبار كلّ هذه البراهين، نحصل على ما أسماه جيان ماريا زاكوني [المدير العلمي لمتحف الكفن في تورينو]: «منظومة شاملة مفيدة وذات معنى»12.
وفقًا للاتفاقيات المعقودة قبل الحصار، ينبغي أن توزّع الإقطاعات الجديدة المكتسبة على 24 من النبلاء، إثنا عشر منهم يمثّلون مدينة ڨينيتسيا Venezia، والإثنا عشر الآخرون يمثّلون العسكر. كما أنه ينبغي أن تتمتع كلّ إقطاعة «بالحريّة المطلقة»، وأن تكون تحت السيطرة الكاملة للمالكين الجدد، باستثناء الحقّ الواجب للإمبراطور، والخدمة الواجبة للأمبراطوريّة. ويتوارثها أولاد المالكين الجدد مباشرة منهم. بالإضافة إلى ذلك، وُضع بند يُمنع بموجبه أيٌّ كان من الرحيل قبل شهر آذار 1205، أيّ أنّ المالكين الجدد كانوا ملزمين البقاء في أملاكهم الجديدة لمدّة سنة13
بعد تقسيم الإمبراطوريّة البيزنطيّة، بزغ فجر الإمبراطورية اللاتينية الشرقيّة، حيث حلّ بودوين دو فلاندر Baudouin de Flandre أمبراطورًا ؛ وبونيفاس دو مونفيرّاتو Boniface de Monferrato ، ملكًا على سالونيكي؛ وجوفروا دو ڨيلهاردوين Geoffroi de Villehardouin [نسيب مؤرِّخ الحملة الصليبيّة الرابعة والحامل الإسم نفسه] أميرًا على موريّا [جنوب اليونان]؛ وويليام دو شامبليت William de Champlet ، أميرًا على آخيا [جنوب اليونان]؛ وأوتون دو لاروش Othon de la Roche ، بارون راي-سور-سون Ray-sur-Saône [فرنسا] لوردًا على أثينا14
كان أوتون دو لاروش16 من الفرسان البورغونديين الذين شاركوا في حصار القسطنطينيّة15، وعمل مستشارًا للمركيز بونيفاس دو مونفيرّاتو، وقائدًا في الحملة الصليبيّة الرابعة.
ولد أوتون حوالى العام 1170، وهو متحدّر من عائلة راي17 النبيلة، ومتحمِّسًا لتحرير الأراضي المقدّسة. «تقلّد أوتون الصليب» [قام بنذر للانضمام إلى الحملات الصليبيّة] في دير سيتو Cîteaux للآباء السيسترسيين، العام 120118. وتزوّج من نسيبته إيزابيل، الوريثة الأخيرة المباشرة للعائلة، في العام 1205، حسب ما جاء في مصادر عديدة19. بعد سنين قليلة، توفيت زوجة أوتون، فاقترن مرّة ثانية، في اليونان، من إليزابت دو شاب20 Elisabeth de Chappes .
بعد انتخاب الإمبراطور الجديد، في 9 أيّار العام 1204، توجّه أوتون إلى الجنوب، برفقة بونيفاس دو مونفيرّاتو، وثلاثة مستشارين، على رأس فصيلة من العسكر، قاصدين الأراضي التي قطعت لهم. وفي خريف العام 1204، بعد وقفةٍ في سالونيكي، تابعوا المسير من جديد21. فإذا أخذنا بعين الاعتبار طول الطريق، والمعارك التي خاضوها، نفترض بأنهم بلغوا آتيكا [المقاطعة التي تقع فيها أثينا]، ثمّ أثينا، في نهاية العام 1204، أو بداية العام 120522.
تمركز أوتون هناك، مع بعض الأصدقاء الأوفياء، للاهتمام بأمور الإقطاعة الجديدة، في حين توجّه باقي أفراد الفصيلة إلى البيلوبونيز [شبه الجزيرة في جنوب اليونان]. لم ترتح الكنيسة المحليّة إلى الحاكم الجديد، إذ لعب المتروبوليت ميخائيل كونياتوس دور المعارضة، لكنّه عاد ووافق، بعد مفاوضاتٍ طويلة، على المشاركة في اجتماع ديني في أثينا، عُقد في صيف العام 1205، حضره الموفد البابوي، بنديكتس القديسة سوزانّا. بعد الاجتماع، ونظرًا لإصرار أوتون ومثابرته، ترك ميخائيل الموقع الذي عاش فيه لمدّة ثلاثين عامًا، وتوجّه، نافيًا نفسه، إلى جزيرة «كوس» Kos في أرخبيل «الدوديكانيز» 23.في هذه الفترة بالذات، بعث ثيوذورس أنغلس كومنينس بالرسالة السابق ذكرها، ذاكرًا فيها وجود الكفن في أثينا.
قام أوتون بتنظيم مملكته الجديدة مستعينًا بالنموذج الإقطاعي الفرنسي. أصبحت أثينا العاصمة الفعليّة، ولذلك بنى حصنه على تلّة الأكروبوليس، فيما أضحت طيبة Thebes العاصمة السياسيّة والعسكريّة. ولا تزال صورة الحصن وبرجه، الذي دمِّر العام 1879، موجودة حتّى يومنا هذا. يقع البرج على قاعدة مربعة ضلعها سبعة أمتار، وكان طوله حوالى الثمانية وعشرين مترًا، شيّد إلى الجهة الجنوبية من المدينة.
كان أوتون فارسًا صليبيًّا حريصًا على إيمانه المسيحي، لذلك استدعى بعض الرهبان ليقيمهم في ملكياته الجديدة: رهبان من «بالڨو» Belleveaux و «لاشاريتيه» La Charité استقرّوا في أديار «أوركوميني» Orchomene و «أوسيوس-لوكاس» Hosios-Loukas البيزنطنيّة، وغيرهم في دير «دافنيه» Daphne ، بعد طرد الرهبان الأرثوذكس المقيمين فيه، فحوّله الرهبان الجدد إلى دير سيسترسيّ، العام 1207، وكان الخامس من بين الأديرة التابعة لهم. ظلّ الدير على حاله حتّى العام 1458 حين استرجعه الرهبان الأرثوذكس بعد الاجتياح التركي للمدينة.
وبالرغم من الجهود التي بذلها لهداية السكان التابعين له في أراضيه الجديدة، التي أقام عليها منذ العام 1216 حتّى العام 1223، قامت الكنيسة بإلقاء الحرم عليه، لأنّه رفض إعفاء رجال الدين من العمل في المناطق الريفيّة، ورفض تسديد قيمة المداخيل الواجبة على بعض الأديرة والكنائس إلى البطريرك اللاتيني «جرفاسيوس»24. لمعالجة الأمر، بعث أوتون برسالة إلى الرهبان السيسترسيين في دير «بالڨو»، في العام 1217، يتعهّد فيها بمنح جزءًا من الأرباح العائدة له من صيد الأسماك في أراضيه الواقعة في «روش-سور-لونيون» و «راي-سور-سون» لهم. وفي رسالة أخرى، بعث بها بعد 4 سنوات من تاريخه، أعاد التأكيد على قراره السابق25.
قام لورد أثينا بتوزيع ملكيته المتزايدة على ورثته:
- غي، الذي عيّنه وريثًا له، استقرّ في بويسيا، يعاونه نيقولاوس دو سان-أومير، يدُ أبيه اليُمنى.
- غييوم، عُيّن حاكمًا على أرغوليد.
- أوتون الثاني، حصل على أرغو ونوبلي، غير أنّه أعطى إخوته حقّ إدارة شؤون ملكيته الجديدة، تاركًا لنفسه إدارة راي-سور-سون26
بعد حكم دام قرنًا كاملاً، انتهت أيّام العائلة الحاكمة. كان الجيل الخامس منها قد اقترن بعائلة البريان Brienne ، وفي إحدى المعارك التي جرت قرب بحيرة كوباييس، في العام 1311، قُتل غوتييه دو بريان Gauthier de Brienne ، سادس دوق على أثينا وآخرهم27
إذا أردنا الحصول على المزيد من المعلومات عن أوتون، كان لا بدّ من زيارة قصره، ومحاولة البحث عن أدلّة إضافيّة.
يقع قصر راي-سور-سون اليوم في ضيعةٍ صغيرة لا يتعدى عدد سكّانها المئتين. إنّ الوثائق العائدة إلى العائلة تذكر أنّ الفارس الشجاع «غي دو راي» Guy de Ray ، المالك الأوّل للقصر، كان لا يزال على قيد الحياة، في العام 1080. وفي العام 1170، حصل ابن أخيه، الذي يحمل الاسم نفسه، على لقب "بارون دو راي" للمرّة الأولى. في هذه الحقبة من تاريخ القصر، كانت الأراضي لا تزال ملكًا لرهبان القديس منصور في "شالون -سور -رون"، والبارونات يدفعون لهم بدل الإيجار السنويّ وقيمته ليرة ذهبيّة واحدة.
في الواقع، كان الكونتات البورغنديّون قد وهبوا بعض إقطاعاتهم إلى الرهبانيّات ليحافظوا عليها، وذلك إبّان القرون الوسطى. لكنّ أوتون لم يشتر الأرض من «إتيان دو وازوليه» Etienne de Oiselay ، إبن الكونت إتيان البورغوندي، إلاّ في العام 123028Diane Régina de Salverte ، المتحدرة المباشرة من سلالة أوتون دو لاروش29
تُحفظ كنوز العائلة في البرج القديم للقصر، من بينها أغراض تعود للحملة الصليبيّة الرابعة، جاء بها أوتون دو لاروش بنفسه30 في هذا المكان، تسترعي انتباهنا مذاخر بشكل صليب، الواحدة منها قدّمها البابا بيوس التاسع، في العام 1863، وتحتوي على قطعة من عود الصليب، جاء بها لورد أثينا الأوّل، العام 120431
أمّا الجانب الأمامي للصندوق فهو منحوت بشكل خفيف، في ما تتوسط الجانبين دروع مطعمة. الصندوق متوازي السطوح، طوله 45 سنتيمترًا، وعرضه 25، وعمقه 30، وموضوع على قاعدة، ويعلوه غطاء. قد يدل الثقب المحدث في الغطاء، والثقوب الأربعة في الجانب الأمامي، على وجود قفل ما (صورة 1). يقول التقليد المنقول في العائلة إّن كفن المسيح كان محفوظًا في قصر راي-سور-سون، بعد اختفائه من القسطنطينيّة.
علينا الإجابة عن ثلاثة أسئلة:
أ- كيف وصل الكفن إلى أوتون وتمّ إرساله إلى فرنسا؟
ب- متى وصل الكفن إلى فرنسا؟
ج- هل من الممكن إيداع الكفن المطوي في الصندوق المُشار إليه أعلاه؟
في ما يتعلّق بالسؤال الأوّل، نقول:
إبّان حصار القسطنطينيّة، في 14 نيسان العام 1204، كان أوتون من القادة البورغونديين الذين دخلوا قصر بلاشيرن مع الحملة التي قادها هنري دو فلاندر Henri de Flandre. من المستبعد أن يكون أوتون توجّه فورًا إلى كنيسة بلاشيرن، حيث روبير دو كلاري شاهد الكفن معروضًا، ليسلبه ويضمّه إلى مقتنياته. في الواقع، كان يُعدم كلّ من يقوم بأعمال نهب. لذلك، من المنطقي أن الكفن لم يصل بين أيدي أوتون دو لاروش، إلاّ عند عمليّة توزيع الغنائم32 وهذا ما يُفسِّر كيف حصل أوتون التقي الشريف على أهمّ كنز مسيحي، من دون أن يقوم بأعمال مخالفة للقانون33.
لكن، أين حُفظ الكفن أثناء وجوده في أثينا؟ الاحتمال المنطقي هو أن يكون قد حفظ داخل حصن الأكروبوليس، في البرج ربّما، حيث الحراسة شديدة . ولكّنه من المؤكّد أنّه في الفترة التي تلت وصوله المباشر إلى أثينا، حُفظ الكفن في مكانٍ آخر، ربّما في مبنى ديني، بما أن الحصن لم يكن قد بُنيَ بعد34
متى تمّ نقله إلى فرنسا؟
تتوافر لدينا معلومات كثيرة عن عمليّة الانتقال هذه. تشير بعض الدراسات إلى أنّ أوتون دو لاروش لم يعد إلى فرنسا مباشرة بعد توليه ولاية أثينا35 وقد رأينا، قبل ذلك، كيف أنّه لا يجوز مغادرة الملكيات الجديدة، قبل آذار العام 1205، كما جاء في الاتفاقيّة المعقودة. إضافةً إلى ذلك، نعلم أن الكفن كان لا يزال في اليونان، حتّى نهاية تموز من العام نفسه، كما جاء في الرسالة إلى البابا إنّوقنطيوس الثالث، وإفادة نيقولاوس من أوترانتو. ولدينا براءة بابويّة للبابا هونوريوس الثالث، مؤرّخة في 12 شباط العام 122536 تفيد عن وجود أوتون في أثينا. وتجدر الإشارة إلى أنّه، في تلك السنة، إنتقلت السلطة إلى غي، إبن أوتون، فكان من الطبيعي أن يعود أوتون إلى فرنسا، مع زوجته الثانية، مصطحبًا معه الكفن الثمين، ليعمل في إنماء دير «بالڨو»37
هناك دليل آخر هامّ على وجود الكفن في أوروبا، بعد العام 1204 ، يضاف إلى التقليد المتوارث لدى عائلة لاروش: بلاطة يعلوها صليب، شبيهة بالتي توضع على القبر، موجودة في وسط أرض البرج التابع للقصر، لتذكّر الزائر بأنّ لورد أثينا الأوّل، توفي في راي-سور-سون، في العام 122438 في الواقع، توفي أوتون في العام 1234، فيما توفيت زوجته الثانية بعد سنتين39، كما أتى في الوثيقة المحفوظة في أرشيف أبرشية لانغر Langres ، ما يؤكّد أنّ أوتون وإليزابت عاشا أيّامهما الأخيرة في فرنسا وماتا فيها. في تلك الأيّام، كانت لانغر جزءًا من إقطاعة بورغوندي، في منطقة فوڨان-دامبيار-بوجو Fouvent-Dampierre-Baujeu ، غربي السون، وجزءًا من الوقف الكنسي حيث ممتلكات عائلة راي. وفي العام 1236، وهب كليرامبو الخامس دو شاب Clérembault V de Chappes أراضٍ في منطقة لاندولين Landelaine وبعض الحقوق على منطقة غيّيه Gyé إلى الرهبان الثالوثيين [تأسست رهبانيتهم على يد القدّيس يوحنا الماتاوي في أواخر القرن الثاني عشر] في بار-سور-سين Bar-sur-Seine ، من أجل "الصلاة لراحة نفس أفراد العائلة، ولراحة نفس أخته إليزابت، سيّدة أثينا، بشكل خاصّ"40
لكن أوتون لم يُدفن في مسقط رأسه، بل في كنيسة القدّيس لوران في قرية سوڨو Seveux الصغيرة، القريبة من راي-سور-سون، حيث توجد البلاطة الخاصّة بقبره. هناك نسخة عنها طبق الأصل، موجودة في قصر راي، في وسط أرض البرج، إلى جانب الصندوق (صورة 2)، حيث نشاهد أوتون محاطًا بشعاراته، لابسًا ثوبًا من الفرو، علامة الملوكيّة، جامعًا يداه بوضع الصلاة. على البلاطة كتابة باللاتينيّة تقول ما معناه: «تحت هذه البلاطة، يرقد أوتون دو راي، صلّوا واطلبوا من الله كيلا يفاجئه العدو مرّة أخرى».
رأى البعض أنّ هذه البلاطة لا تعود إلى أوتون، بل إلى أوتونين Othenin ، إبن أخيه. لو كانت لأوتون لكان وجب ذكر عبارة «لورد أثينا». لكنّ أوتونين هذا عاش بعد أوتون بمئة سنة41 في المقابل، يرى برجيريه Bergeret أنّ هذا المدفن يعود إلى أوتون الثاني42، وهذا أيضًا مستحيل، لأنّ أوتون الثاني حمل لقب العائلة «لاروش» طوال حياته، ومن المستغرب ألاّ يذكر هذا الإسم على البلاطة. وهناك عامل آخر شديد الأهميّة يؤكّد على أنّ البلاطة تعود إلى أوتون نفسه: تقع سوڨو في منطقة فوڨان-دامبيار-بوجو، حيث أمضى أوتون وزوجته أيامهما الأخيرة. إذًا، على من لم يقتنع بعد، زاعمًا بأنّ أوتون لم يعد أبدًا إلى فرنسا، أن يشرح لماذا لم يدفن والي أثينا الأوّل في دير دافنيه في اليونان، كسائر خلفائه!
والآن، لنتطرّق إلى السؤال الأخير: هل يُمكن أن يكون الكفن قد أودع في الصندوق المُشار إليه في قصر راي-سور-سون؟
إنّ مقاسات الصندوق، من الداخل، هي التالية: طول 37.5 سنتيمترًا، عرض 16.5 سنتم، عمق 25 سنتم، فتكون الطريقة المناسبة لطيّ الكفن كي يتّسع في داخل الصندوق هي 96 طيّة43، أي 12 طيّة في الطول، و 8 طيّات في العرض. حينئذ، نحصل على 96 مستطيلاً، طول الواحد 36.33 سنتيمترًا، وعرضه 13.75.
لدينا أدلّة عديدة عن وجود صناديق مختلفة وُضع فيها الكفن إبّان مسيرته عبر العصور. ففي متحف الكفن في تورينو، يُمكننا مشاهدة الصندوق الذي استعمل لنقل الكفن من شامبري الى تورينو، في العام 1578. إنّ شكله ومقاساته قريبة من ذاك الموجود في قصر راي-سور-سون، ومن المرجّح أن يكون الكفن قد حُفظ في هذين الصندوقين، في حقبتين تاريخيتين مختلفتين.
هناك أدلّة إضافيّة تدعم نظريّة العلاقة بين أسياد راي-سور-سون والكفن، منها وجود قطعة من القماش، طولها 50 سنتيمترًا، وعرضها 30، مزيّنة بالزهور، في صالة العرض نفسها حيث الصندوق السابق ذكره، عليها رسم رجل من الجهة الأماميّة، شديد الشبه برجُل الكفن (صورة 3). في الواقع، صوِّر هذا الجسم وهو مستلق، معصماه مجموعان عند وسطه، على قماشة يميل لونها إلى الصفرة. هناك نقاط حمراء صغيرة، عند رجليه ويديه وجنبه، بمثابة الدم السائل من الجروحات التي سببتها المسامير والحربة، ولحية تكسو ذقنه، ووجنتان ظاهرتان، وعلى جبينه إكليل من الشوك.
تشبه هذه الصورة، إلى حدٍّ كبير، تلك الموجودة على الكفن، إن لم تكن مثلها تمامًا. وبينهما تفاصيل مشتركة، كالوجنتين الحاملتين كدمات، والآثار التي خلّفها إكليل الشوك، والجرح في الجانب الأيسر44، فيما يكمن الاختلاف في اليد اليسرى فوق اليمنى، وليس اليمنى فوق اليسرى كما في الكفن، والرجلين اللتين لم توضع الواحدة فوق الأخرى، بل كلّ واحدة بمفردها.
من المستغرب أن يكون الرسّام قد جمع بين ما شاهده على الكفن من جهة، ومعتقدات الزمن الذي عاش فيه، من جهة أخرى. ويكمن المثال الأبرز في الجروحات التي وُضعت في راحة الكفين، وليس عند المعصمين.
كما تشبه هذه اللوحة، إلى حدٍّ كبير، لوحة «كفن بيزنسون». وكانت النسخ تنجز لأمر شخصياتٍ كنسيّة مهمّة، أو لأمر أصدقاء العائلة النبلاء.
تدلّ كل هذه العناصر على أنّه يمكن أن يكون الكفن قد أودع في الصندوق الموجود في راي-سور-سون، حين عاد أوتون دو لاروش إلى فرنسا، حوالي العام 1226.
أمّا الأسباب الكامنة وراء إخفاء الكفن من قبل أوتون وعائلته، فتعود إلى مقرّرات المجمع المسكوني الثاني عشر، أو مجمع اللاتيران الرابع، الذي افتتح في 11 تشرين الثاني 121545، حيث تمّ إلقاء الحظر على التعامل بالذخائر، باعتباره عمل دنس، وإدانة كلّ من يقوم به. وبما أنّه كان من الصعب تفسير وجود كنز كهذا بين أيادي خاصّة، بعيدًا عن السلطات الكنسيّة الرسميّة، وجب انتظار الظروف المؤاتية، وتمّ ذلك، بعد مائة وخمسين سنة، حين عُرض الكفن للعموم، في مكان لا يبعد كثيرًا عن راي-سور-سون.
بعد مئة وخمسين عامًا [على اختفائه من القسطنطينيّة] كان الكفن محفوظًا في كنيسة خاصّة [غير خاضعة مباشرة للأسقف، بل لمجمع شناونة مقرّه فيها ويدبّر أمورها]، بُنيت خصّيصًا له، على مقربة من قصر راي-سور-سون.
يُعتبر جوفروا دو شارني الأوّل Geoffroi I de Charny المالك الأوّل للكفن في ليريه، منذ القرن الرابع عشر. لكن هناك عناصر عدّة تدفعنا إلى الشك في صحة كونه «الأوّل»، إذ نستغرب كيف لم تقم عائلة دو شارني بعرض هذا الكنز الثمين، بشكل علني، إلاّ في منتصف القرن الرابع عشر. وليس من باب الصدفة أن يكون جوفروا الأوّل، الفارس المشهود له بشجاعته في فرنسا، صديق الملوك والباباوات، قد انتظر حتى العام 1343، أيّ عاماً واحداً على زواجه من جان دي فرجي، لبناء الكنيسة وإقامة العرض العلني للكفن فيها46.
تجدر الإشارة إلى أنّه، لو كان لأوتون دو لاروش ذريّة، لكانت جان دو فرجي Jeanne de Vergy إحداهنّ، وليس جوفروا دو شارني الأوّل. من الأرجح أن تكون جان قد أحضرت الكفن معها بمثابة المهر [أي الدوطة]. في الواقع، لم يصبح جوفروا الأوّل سيّدًا على ليريه وسافوا إلاّ بعد زواجه من جان. إضافة الى ذلك، إنّ قلادة النحاس التي وجدت في نهر السين Seine في القرن التاسع عشر، حفر عليها شعاري كلتي العائلتين، وليس شعار عائلة دو شارني فقط47
كما وأنّه لم يُذكر الكفن حتى ولو في وثيقة واحدة تتعلّق بجوفروا الأوّل. في الواقع، لم يرث ابنه، جوفروا الثاني، الكفن، بعد موت أبيه48، كما وأن الوثائق العائدة لتأسيس الكنيسة الخاصّة في ليريه تذكر العديد من الذخائر، من دون ذكر الكفن49 في النهاية، إنّ الاحتمال بأن يكون الكفن ملكًا لجان دو فرجي هو احتمال كبير لأنّه، في الفترة الواقعة بين العام 1360 والعام 1389، كان الكفن محفوظًا في قصر مونفور-آن-أوسوا Monfort-en-Auxois الذي تعود ملكيته إلى عائلة فرجي50. ومن الأرجح أن يكون قرار العرض العلني قد اتخذ بعد أن حصل جوفروا الأوّل على الكفن، أيّ بعد زواجه من جان دو فرجي.
وأخيرًا، لإثبات العلاقة بين جان دو فرجي وأوتون دي لاروش، علينا تحليل بعض شجرات العائلات النبيلة في فرانش-كونتيه Franche-Comté وبورغوندي، بين القرنين الثاني عشر و الخامس عشر.
تزوّج أوتون دو لاروش من إبنة عمّه إيزابيل، وهي الوريثة الأخيرة للفرع الأساسي للعائلة، وبهذه الطريقة حصل على لقب بارون دو راي، وأنجب ثلاثة أولاد، هم: غي، بون، أوتون الثاني؛ كما أنجب غييوم من زواجه من إليزابت دو شاب.
ما يهمّنا هو أوتون الثاني، الذي توفّي العام 1254، تاركًا وراءه ابنتان: غييرميت Guillermette التي اقترنت بأحد أفراد عائلة وازوليه Oiselay ؛ وإيزابيل (أو إليزابيت) 51 التي اقترنت بأحد أفراد عائلة دو فرجي52؛ وابن وحيد هو جان، الذي ورث لقب بارون راي-سور-سون53
فلنتوقف الآن عند عائلة دو فرجي54 إنّ جان دو فرجي هي إبنة غييوم وأنياس دو دورناين Agnès de Durnayn . والدها هو إبن جان الأول ومارغريت دو نواييه Marguerite de Noyers . أما جان الأول فهو إبن هنري الأوّل دو فرجي وإيزابيل دو راي، إبنة أوتون الثاني دو لاروش، وشقيقة جان، سيّد راي55.
تظهر هذه الشجرات النَسبيّة صلة قرابة جان دو فرجي، على مستوى الجيل الخامس، بأوتون دو لاروش. إنّها هي، حفيدة الرجل الذي جلب الكفن إلى فرنسا، في القرن الثالث عشر، المرأة التي تزوجت من جوفروا الأوّل دو شارني. فبواسطة هذا الزواج، حصل «الفارس الأكثر وفاءً وتقديرًا بين الفرسان» على الكفن، الذي انتقل عبر الأجيال من عائلة دو لاروش إلى عائلة دو فرجي.
لكنّ صلة القرابة هذه لا تُفسِّر، لوحدها، متى وكيف ولماذا انتقلت ملكيّة الكفن من راي-سور-سون إلى عائلة دو فرجي.
ففيما كانت سلطة عائلة دو لاروش تضمحلّ (لا نجد أيّ أثر لسلالة لاروش-سور-لونيون في العام 1386) 56، كانت سلطة أسياد راي-سور-سون تكبر، وبلغت أوجها في القرن الرابع عشر، لمّا تقلّد البارونان غوتييه (توفي العام 1357) وجان الثاني (توفي العام 1394) لقب «حارس إقطاع بورغوندي»، ليصبحا المسؤولين المباشرين في حال غياب الملك، أو أثناء فترة اختيار خليفة له.
ويمكن أن تكون عمليّة انتقال الكفن من أسياد راي، لها علاقة باغتيال دوق أثينا السادس وآخر الدوقات عليها، غوتييه الخامس دو بريان، في الثالث عشر من أيّار، العام 1311، في جوار بحيرة كوبايس. ولقد أنهى هذا الحدث الحقبة الفرنسيّة لدوقيّة أثينا، التي تولتها عائلة راي لوقت طويل. في هذه الحقبة، كان سيّد راي-سور-سون اسمه آيميه Aymé ؛ كما أن ورثة راي وهنري الأول دو فرجي كانا قد تزوجا، ما يعني أن الصلة بين العائلتين كانت أصلاً قائمة. وقد يتعلق وصول الكفن إلى عهدة عائلة دو فرجي بواقع أن عائلة فرجي كانت قد حصلت، منذ العام 1191، على لقب سينيشال [لقب شرف] بورغوندي57 وقد يكون الانتقال قد حصل لمّا كانت جان تستعد للزواج من جوفروا الأوّل دو شارني، وهو رجلٌ ذائع الصيت في فرنسا. كما أنّه حصل في القرن الخامس عشر زواجاً آخر جمع بين العائلتين.
إستنادًا إلى العناصر التي جُمعت حتى الآن، يمكننا القول إنّ الكفن كان في فرنسا ابتداءً من القرن الثالث عشر، لمّا أتى به أوتون، لورد أثينا، إلى قطاعه، بعد أن حصل عليه أبّان الحملة الصليبيّة الرابعة. وبعد وفاته في فرنسا، العام 1234، بقي الكفن في حوزة العائلة، محفوظًا في مذخر، في قصر راي-سور-سون. وهذا ما يُفسِّر، باعتقادي، قاعدة عدم عرضه للعلن في فرنسا، لسنين عديدة، تجنبًا للحرم الكنسي الملقى على كلّ من يتاجر بالذخائر المحصلة من الحملات الصليبيّة. لذلك، استقرّ الكفن المقدّس في القصر، باستثناء المرّات القليلة التي كان فيها أسياد راي يصطحبونه معهم في تنقلاتهم، إلى أن تمّ تسليمه إلى عائلة فرجي.
تزوّجت جان دو فرجي من جوفروا الأوّل دو شارني، الفارس الشجاع، صديق الملوك والأحبار، ثمّ قرّرت عرض الكفن للعموم، وطلبت من زوجها بناء كنيسة خاصّة له، في ليريه. وسمح زواجها الثاني من نسيب البابا الزور، إكليمنضس السابع، محو الشكوك حول أصالة الكفن58
ما حاولتُ برهانه في هذه الصفحات عن السنوات الضائعة في مسيرة الكفن، قد يُشكِّل عنصرًا إضافيًا يساهم في سدّ بعض الثغرات في تاريخ الكفن. ولا أعتقد بأنّ لغز «السنوات الضائعة» قد تمّ حلّه، إذ لا يزال علينا إنجاز الكثير من البحوث. يجب علينا التأكّد، أولاً، ما إذا جرت عروضات للكفن، ولو بشكل خاصّ، لمّا كان في راي-سور-سون، ثمّ التدقيق في المعلومات الواردة في شجرة العائلات المختلفة. وعلى هذه الأبحاث أن تتمّ «في المكان نفسه»، وليس انطلاقًا من مكتب ما، في مكان آخر.
وأخيرًا، يجب اعتبار هذا العمل أساسًا للبحوث اللاحقة، وليس نهاية لها، بل مجرّد بداية.
* نقله إلى العربية: مروان يوسف أبو ديوان، عن النصّ الإنكليزي المرسل من قبل الكاتب إلى ناشر هذا الموقع.
1. For the main theories see: Dubarle A. M., La première captivite de Geoffroy de Charny et l’acquisition du Linceul, in Collegamento Pro Sindone Internet, June 2004, note 31. This article was previously published on MNTV, n. 8, December 1992, p. 6-18. Wilson I., The Shroud of Turin. The burial cloth of Jesus Christ?, Image Book, London 1978. Morgan R., Was the Holy Shroud in England?, in Shroud News, n. 42, August 1987, p. 3-17. Morgan R., The Templecombe Panel Painting, n. 45, February 1988, p. 3-8. Savio P., Ricerche storiche sulla Santa Sindone, Turin 1957.
2 For complete information about the Holy Shroud before Constantinople see: Dubarle A.M., Storia antica della Sindone di Torino sino al XIII secolo, Edizioni Giovinezza, Rome 1989.
3This acheiropoietos relic was also known as the Mandylion and we have numerous links between the Image of Edessa and the Holy Shroud. According to the most reliable hypothesis, the Mandylion was the Shroud folded in eight, to show only the face. For a comparison between the Shroud and Mandylion see: Wilson I., op. cit
4 Giovanni Skylitzés, Cronaca (XIII secolo). Madrid, National Library, cod. gr. Vitr. 26-2, f. 205 r., f. 131 r. De immagine edessena Costantini Porfirogeniti traslata (Codex Ambrosianus D. 52s, 69).
5 Barbesino F., Moroni M., Lungo le strade della Sindone, San Paolo, Cinisello Balsamo 1998, p. 21.
6 Piana A., Sindone: gli anni perduti, Sugarco, Milan 2007, pp. 39-41.
7 Robert de Clary, coming from Amiens, left Clary-les-Pernois fief in 1202 to follow Pierre d’Amiens in the crusade.
8 Roberto di Clari, La conquista di Costantinopoli, a cura di Nada Patrone A. M., Genoa 1972, p. 227 and following.
9 Ibidem
10 Chartularium Culisanense f. CXXVI. Si veda: Rinaldi P., Un documento probante sulla localizzazione in Atene della Santa Sindone dopo il saccheggio di Costantinopoli, in La Sindone. Scienza e fede, Atti del convegno di Bologna 1981, Bologna 1983, p. 109-113.
11 Scavone D.C., The Shroud in Constantinople: The documentary evidence, pp. 35-38. in Robert F. Sutton Jr.., Daidalikon, Bolchazy-Carducci, Wauconda (IL) 1989. Baima Bollone P., Sindone 101 domande e risposte, San Paolo, Cinisello Balsamo 2000, p. 53.
12 Zaccone G.M., Sulle tracce della Sindone, Elledici, Leumann 1997, p.40.
13 Meschini M., 1204: l’incompiuta. La quarta crociata e le conquiste di Costantinopoli, Ancora, Milan 2004, pp. 123-124.
14 Monk Aubry de Trois-Fontaines, in his Chronicon, adressed Otho de la Roche as Duke of Athens (Aubry Chronicon is mentioned from Vignon P., Le Saint Suaire de Turin devant la science, l’archéologie, l’histoire, l’iconographie, la logique, Paris 1938, p. 107-108.). Really it is from Jean de la Roche (1263-1280) that the title of Duke is used as an alternative to Mégaskyr. Under Guillaume (1280-1287), his successor, only the title Duke of Athens was used.
15 de Villehardouin G., Histoire de la conquète de Costantinople, a cura di de Wailly N., Librairie Hachette, Paris 1872, p. 146-149.
16 Lord of La Roche-sur-l’Ognon, village located around Ognon river, not far away from Besançon.
17 Noble family of Ray-sur-Saône, village of Franc-County in department of Haute-Saône.
18 de Salverte H., Historique du Château de Ray, Ed. Sequania, Besançon 1999, p. 15.
19 Dunod F. I., Histoire des Séquanais, XVIII secolo. Quoted also in family trees.
20 Born from Clérembault IV de Chappes and Elissande de Trainel, coming from the noble families of Bar-sur-Aube region, related to Guarnieri of Trainel, bishop of Troyes, took part in the Fourth Crusade as a spiritual leader.
21 Girard J., La Roche et l’épopée comtoise de Grèce, L’Atelier du Grand Tétras, Mont-de- Laval 1998, p. 71-73.
22 According to Scavone (Scavone D. C., La Sindone di Torino, Otho de la Roche, Besançon, e il Memorandum d’Arcis: Un’elaborazione e una sintesi, in Collegamento Pro Sindone, Genuary-February 1993, p. 37) he arrived in Athens bewteen the end of October and the beginning of November 1204.
23 Girard J., op. cit., p. 73. 24 Lognon, Les premiers Ducs d’Athens et leur famille, in Journal des Savants, Genuary- March 1973. There are almost twelve letters adressed to Otho from Pope Innocence III, between 1208 and 1213 and another eight to Pope Honorius III, from 1217 to 1225.
25 The two documents are preserved in Departmental Archives of Haute- Saône: Abbaye de Bellevaux, H 119.
26 On his father’s death Otho II reached an agreement with his cousin Pons de Cicon and gave up his rights over La Roche-sur-l’Ognon fief. In the “Nauplie Charter”, dated April 19th 1251, Otho II gave up his fiefs of Argos and Nauplie for some money and some rights of Guy over family properties in Burgundy and Champagne, thus centralising power in Ray-sur- Saône.
27 Other dukes of Athens were: Guy (1225-1263); Jean (1263-1280); Guillaume (1280- 1287); Guy II (1287-1308); Gauthier V de Brienne (1308-1311).
28 Departmental Archives of Doubs, B 485
29 The name of de Ray disappeared in 1623 on the death of Claude François de Ray, who did not have male heirs. Women from the family married into the Marmier family and, thereafter, with de Salverete.
30 Chamard F., Le linceul du Christ, étude critique et historique, Oudin, Parigi 1902.
31 Based on de Salverte (de Salverte H., Petit Guide pour les Visiteurs du Château et du Parc de Ray, Gray 1980, p. 3) fragments of True Cross were found in Blacherne palace.
32 Dunod F. I., Histoire de l’église, ville et diocèse de Besançon, volume I, p. 408.
33 According to Scavone (Scavone D.C., op. cit., p.38) Otho could have obtained the Shroud from the new Emperor Henry following his wedding with Agnese of Monferrato, celebrated in February 1207, as acknowledgement for his services. That is in contrast with attestations about the Shroud’s presence in Athens in the summer of 1205.
34 Religious buildings probably are: a church in Athens, Parthenon and Daphni monastery (Raffard de Brienne D., Le ducs d’Athènes et le Linceul, in Actes du IIIème Symposium Scientifique International du CIELT, Nice, 12-13 May 1997, p. 171).
35 Scavone D. C., op. cit., p.40. Raffard de Brienne D., op.cit., p. 171.
36 Regesta honor. II papae III, 332-986, 1819, 3924-4503-4514.
37 Hopf, Chronique gréco-romaine, Weidman, Berlin 1873.
38 Also quoted in de Salverte H., Historique du Château de Ray, Ed. Sequania, Besançon 1999, p. 17.
39 Jacques Vignier: Décade historique du diocèse de Langres - Tomo III -f. 6- France National Library FR 5995.
40 Girard J., op. cit., note 30 p. 102.
41 Mémoires de la Commission Archéologique de la Haute-Saône, 3-4, Per. 257.
42 Bergeret M., Linceul de Turin- le trou historique: 1204-1357, in L’identification scientifique de l’homme du Linceul, Actes du Symposium Scientifique International du CIELT, Rome 10-12 June 1993, p. 347.
43 Ibidem. And also: Barta C., Hipótesis para el vacío histórico de Constantinopla a Lirey, in Linteum n. 36, June 2004, p. 32.
44 The side wound that on the Shroud we see on the left side on the negative that reveals royalty is on the right side.
45 Rendina C., I Papi. Storia e segreti, Newton & Compton, Rome 2005, p. 448.
46 National Archives of Paris, MS. J.J. 1174, n° 315.
47 Musée National du Moyen-Age Thermes et hôtel de Cluny, Paris.
48 The Shroud is not mentioned in the funeral memorial written by the Dean of the collegiate church (Legrand A., Le Linceul de Turin, Desclée de Brouwer, 1980).
49 de Gail P., Histoire religieuse du Linceul du Christ, Editions France-Empire, Paris 1973.
50 Bergeret M., op. cit., p. 347. It seems that on the initiative of Jeanne de Vergy, in 1360 the Shroud was moved to Monfort-en-Auxois castle where it stayed until 1389 (Pays de Bourgogne, n. 199, March 2003).
51 In the Middle Ages the names of Elisabeth and Isabelle were equivalent (Bergeret M., op. cit., p.348).
52 Girard J., op.cit., p. 225.
53 de Salverte H., Historique du Château de Ray, Ed. Sequania, Besançon 1999, see following genealogical table.
54 Piana A., op. cit., pp. 90-91.
55 Père Anselme de Sainte-Marie (Pierre de Guibours), Histoire généalogique et chronologique de la maison royale de France, des pairs, grands officiers de la couronne et de la maison du roy et des anciens barons du royaume. (Reprod. de l'éd. de Paris : chez Estienne Loyson, 1674: Num. BNF de l'éd. de Paris: Bibliothèque nationale de France, 1987).
56 Departmental Archives of Doubs, B 435
57 Currer-Briggs N., The Shroud and the Grail, St. Martin’s Press, New York 1987.
58 Amedeo IV de Genève married Jeanne de Vergy in 1357, was related to anti-pope Clemente VII who attended to the Lirey controversy.